يعتقد الكثير من الناس أن أحلام اليقظة ضرباً من الجنون، أو أنها اضطراب نفسي
يصيب الأشخاص الضعفاء غير القادرين على إشباع رغباتهم؛ لتحقيق أهدافهم في
الواقع، إلا أن هذه الأفكار لا تصح دائما، وكثيراً ما تكون خطأ
احد الخبراء يقول: "إذا لم يسرح خيالك
بعيداً، عندها تكون مقيداً بما تفعله الآن"، لافتاً إلى أن أحلام اليقظة تكون ـ
غالبا ـ أداة أساسية من أجل الإبداع والتميز، وتحقيق الطموحات، وتحدي كافة
العقبات، مؤكداً أن أحلام اليقظة تتيح للدماغ التواصل مع أمور كثيرة محيطة به،
فيتفاعل معها بإيجابية، مما ينعكس على تحقيق أهدافه وطموحاته.
طريق الإبداع
تشير احدى الفتيات في العشرين من عمرها أن أحلام اليقظة لديها لا تنتهي، تعمد
إليها للتحكم الكامل في أفكارها فتجعلها حرة وطليقة بلا قيود، فتحلم أنها أنهت
الدراسة الجامعية في تخصص الإعلام الذي تحبه كثيراً، وتنطلق بفكرها إلى تقمص
أدوار الشخصيات الناجحة في الإعلام العربي.
تؤكد الفتاة أن تلك الأحلام تجعلها تسعى إلى تحقيقها، فتنعكس على سلوكها في
الدراسة، فتكثف ساعات دراستها وتصبح أكثر اجتهاداً، وتعزز قدراتها العملية
بالتدريب في مختلف الوسائل الإعلامية، قائلة: "حلمي أن أكون مشهورة في الإعلام
يجعلني أزيد من خبراتي وأطور من مهاراتي، وأعتقد أن ذلك شيء جيد تتيحه لي أحلام اليقظة
عالم من الأحلام
وتمثل أحلام اليقظة لدى احد الشبان مشكلة لا يستطيع التخلص منها،
حيث يستغرق ويسرف فيها كثيراً لدرجة تجعله عاجزا ًعن التمييز بين الواقع
والخيال، يؤكد الفتى أنه يحلم بأن تعود تفاصيل علاقته مع والده إلى سالف عهدها،
حين كان يحنو عليه ويناقشه في كل أمر يعترض إليه.
يصمت الفتى قليلاً ثم يقر أنه لا يستطيع إعادة تلك العلاقة بعد أن تزوج والده
من امراة غير أمه، وانشغل عنه وعن أشقاءه بتلبية رغبات عروسه الجديدة
يقول: "لأني لا أستطيع إعادة تلك العلاقة، أتسلل لها عبر أحلام اليقظة وأستغرق
فيها كثيراً حتى أني أظنها واقعاً" لكنه ما إن يعلم شقيقه الأكبر بتفاصيلها
حتى يعلمه أنها مجرد أحلام، ويستكمل أن حالة الفراغ التي أثمرها غياب والده
جعلته يهرب إلى عالم الخيال؛ ليحقق كل ما يريد عبر أحلام أحياناً لا تجد سبيلاً
لتحقيقها إلا في حيز ذاكرته فقط.
أحلام اليقظة ظاهرة طبيعية ولكن
أنها: الرغبات التي لا يستطيع الإنسان
تحقيقها على أرض الواقع أول ما تظهر تكون لدى الأطفال والمراهقين
الذين لديهم أماني وأحلام وخيالات لا يستطيعون سبيلاً لتحقيقها على أرض الواقع؛
فيغرقوا أنفسهم في عملية أحلام يطلق عليها "أحلام اليقظة".
أن تلك الأحلام إذا زادت عن
الحد، وأغرقت المراهق فيها فإنها تؤثر سلباً على سلوكه، و تنقله
من الواقع إلى عالم الخيال قائلاً: "عندئذ تتحول إلى مشكلة لدى المراهقين"
تستلزم من الجميع المدرسة والأسرة والقائمين على المراهقين محاولة ربطهم
بالواقع وعدم إغراقهم في أحلام اليقظة.
أن تأثير أحلام اليقظة لا يقتصر على مستوى حياة المراهقين، وإنما يتعداه
للتأثير على حياة الناس العاديين مشيراً إلى أن الكثيرين من الشباب يحلم
بأمنيات قد يبدو تحقيقها صعبا في ظل ظروف معينة يعانيها، فيلجأ إلى تحقيقها في
أحلام اليقظة.
أن ظاهرة أحلام اليقظة وفقاً لنظريات التحليل النفسي ظاهرة طبيعية في
مرحلة المراهقة، لكنها إذا زادت عن حدها تصبح مشكلة تتطلب حلاً غير أنها لا
تعتبر اضطراباً نفسياً.*